روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | مؤمن آل ياسين!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > مؤمن آل ياسين!


  مؤمن آل ياسين!
     عدد مرات المشاهدة: 4866        عدد مرات الإرسال: 0

إن الدفاع عن العقيدة الصحيحة والمنهج الحق مطلب كل داعية مؤمن بالله تعالى ورسُله.

والدعوة إلى الحق والهدى بعد معرفته وتبيّنه: صفة المسلم الصادق، يفعل ذلك ويؤديه حسب قدرته، باذلاً لذلك كل وقته، ومستمراً عليه حتى لو أدى به ذلك إلى القتل وإزهاق الروح، لأنه يعلم أنه لن يموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً.

وتلك هي صفة مؤمن آل ياسين الذي تحدث الله تعالى عنه وعن قومه ضمن آيات من سورة يس يقول فيها سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَةِ إذْ جَاءهَا المُرْسَلُونَ*إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إنَّا إلَيْكُم مُّرْسَلُونَ*قَالُوا مَا أَنتُمْ إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إنْ أَنتُمْ إلاَّ تَكْذِبُونَ*قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ*وَمَا عَلَيْنَا إلاَّ البَلاغُ المُبِينُ*قَالُوا إنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ*قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ*وَجَاء مِنْ أَقْصَا المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ*اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ*وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَذِي فَطَرَنِي وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِ*إنِّي إذاً لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ*إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ*قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ*وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ*إن كَانَتْ إلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس: 13-29].

فقد أخبر سبحانه في هذه الآيات أنه أرسل إلى أهل مدينة اثنين من الرسل يدعوانهم إلى عبادة الله تعالى وحده، وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، فبادروهما بالتكذيب، فعززهما الله تعالى وقوّاهما برسول ثالث.

فقالوا لأهل تلك القرية: إنا إليكم مرسلون من ربكم الذي خلقكم، يأمركم بعبادته وحده لا شريك له، فقالوا: ما أنتم إلا بشر مثلنا، وكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر، فلِمَ لا يوحى إلينا مثلكم؟ ولو كنتم رسلاً لكنتم ملائكة.

وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة، كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّاًتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6].

وقوله: {وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِّثْلَكُمْ إنَّكُمْ إذاً لَّخَاسِرُونَ} [المؤمنون: 34].

وعندما قال أولئك المكذبون ما قالوا من التكذيب قالت لهم رسلهم: إنا رسل الله إليكم، ولو كنا كذبة عليه لإنتقم منا أشد الإنتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار.

كما قال جل شأنه: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} [العنكبوت: 52].

وتمادى أهل القرية في طغيانهم وراحوا يتطيرون بهؤلاء المرسلين، ويقولون كما قال قتادة: إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم، وإنكم إذا لم تنتهوا فسوف نرجمكم بالحجارة، وسيصيبكم منا عقوبة شديدة.

فقالت لهم رسلهم: إن طائركم معكم، مردود عليكم، وأنتم ما قابلتمونا بهذا الكلام وتوعدتمونا وتهددتمونا إلا من أجل أنّا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له، بل أنتم قوم مسرفون، لتطيركم وكفركم وفسادكم.

ولأن تلك الساحة لم تخل ممن عمرَ الإيمانُ قلوبهم وتعمقت الدعوة في أفئدتهم وأقضّ المنكر كل ذرة في أبدانهم، لأجل ذلك قيض الله تعالى لهؤلاء الرسل من يدافع عنهم.

فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى، لينصرهم من قومه، قيل: إن اسمه حبيب النجار.

وكان رجلاً سقيماً قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة، يتصدق بنصف كسبه، مستقيم الفطرة.

وقيل: كان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة، وكان يعكف على عبادة الأصنام سبعين سنة يدعوهم لعلهم يرحمونه ويكشفون ضره، فلما أبصر الرسل دعوه إلى عبادة الله تعالى فقال: هل من آية؟.

قالوا: نعم. ربنا على ما يشاء قدير، وهذه لا تنفع شيئاً ولا تضر، فآمن، ودعوا ربهم فكشف الله ما به كأن لم يكن به بأس.

فحينئذ أقبل على التكسب فإذا أمسى تصدق بكسبه، فأطعم عياله نصفاً وتصدق بنصف.

فلما همّ قومه بقتل الرسل جاءهم فوعظهم أحسن ما تكون الموعظة، وذكّرهم بحق الله تعالى من العبادة والتعظيم فقتلوه.

واختلف المفسرون في كيفية قتله، فقال بعضهم: وطئوه بأرجلهم، وقيل: رموه بالحجارة وهو يقول: اللهم اهدِ قومي، حتى قتلوه، وقيل: حفروا حفرة وجعلوه فيها، وردموا فوقه التراب، فمات ردماً.

وقيل: حرقوه حرقاً وعلقوه بسور المدينة.

وقيل: نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه فما خرجت روحه إلا إلى الجنة فدخلها، فذلك قوله: {قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ} فلما شاهدها قال: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ}.

قال الإمام القرطبي: قلت: والظاهر من الآية أنه لما قُتل قيل له: ادخل الجنة.

قال قتادة: أدخله الله الجنة وهو فيها حي يرزق، أراد قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169].

الكاتب: عبد الحميد السحيباني.

المصدر: موقع يا له من دين.